Followers

و انا لوحدي

و انا لوحدي

Tuesday, March 27, 2007

رحلة في ميكروباص المجتمع


" حد نازل الماريوت" قالها ذلك الفتى الذي يقوم بجمعِ النقود من ركاب الميكروباص بطريقةٍ لا مباليةٍ و صوتٍ مُجهَد يبدو من نبراته أنه اعتاد على هذا السؤال و أنه كان يعملُ طوال اليوم و بطريقةٍ شاقة..نظرَ إلى الركاب بنظرةٍ لا مبالية خاويةٍ تماماً من أي تعبيرٍ أو انطباع و كأنه اعتاد من خلال عمله هذا ألا يتفقد الناس كثيراً فقد عَلم و بقليلٍ من الخبرة و الملاحظة أن ركاب الميكروباص جميعهم سواء؟؟؟؟؟!!!
"ايوه يا بني ..على جنب هنا " قال هذه العبارة شابٌ يجلسُ في آخر مقعد و تجلسُ بجوارهِ شابةٌٌ يكبُرها بعدةِ سنوات..توقف السائق على مهلٍ و أخذ ينظرُ للمرآة الجانبية حتى تأكد من نزو لهما...
نزلَ هو أولاً و تَبعتهُ هي بخطواتٍ متثاقلةٍ...إنهما خطيبان..كان ذلك جلياً ليس فقط من دبلةََِ الخطوبةِ التي يحملانها و التي أحسستُ أنها يعلوها التراب أو الصدأ مجازاً و لكنَ الابتسامةََ الضائعة و عدم الاهتمام إن صَحَ التعبير يدلُ على فترةِ خطوبةٍ طويلة..أو ربما يومٌ آخر من المشاحنات التي لا تنتهي لسببٍ أو لآخر..أو يومٌ مرهقٌ من المشي المتواصلِ و مشاهدةِ بعض الأشياءِ اللازمةِ " للجهاز" ..
شعرتُ ساعتها أنني لن أتزوج ..و لم أكن أتحدثُ عن نفسي بشكلٍ خاص و لكن عني كواحدٍ من أبناءِ هذه المرحلة..لماذا تمت هذه الخطبة إن لم تكنْ تحققُ شيئاً و لو بسيطاً من الرضا؟؟ هل ينتهي الحالُ بوضعٍ و إحساسٍ مماثلين لما استشعرتُه من خواءٍ عاطفيٍ و برودة؟؟!! ما نوع المتعةِ التي يحصلان عليها في هذه الفترة؟ هل قبَلَها؟هل هو معتادٌ على ذلك؟هل يتحسسُ جسدَها البض و نهديها الممتلئين على فتراتٍ طالت أو قَصُرَت؟أنا لا أقصدُ شيئاً.. فكَمُ القصص التي سَمعتُها و أُخْبِرتُها من معارفَ و أصدقاء و التي تتراوح ما بين تلميحاتٍ خفيفة أو صريحة أو غَمزاتٍ و نكاتٍ تصلُ إلى حدِ الوقاحةِ أو تجاربَ لأُناسٍ أعرفُهم أو سمعتُ بهم كلها تُوصلني إلى هذا المعنى الذي لا يَخفَى على أحد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!
و لكنني أرجع لأتساءلَ عن ركابِ ذلك الميكروباص الذين عبروا من فوق " الزمالك " و هم لا يكترثون أو أن بعضهم لا يُدرك إلا بإحساسٍ دفين أنه وصلَ إلى حيث يريد.. فهو لا يُلقِ بالاً للطريق من كثرةِ ما يُفكر فيه..مع أنني لاحظتُ في أعينِ بعضهم بريقاً غريباً و هو يعْبُرون فوق تلك المنطقةِ حتى أنني شعرتُ بذلك الشابِ الجالسِ بجواري و هو يأخذُ نفساً عميقاً كأنه الأخير.. أو أنه يرغبُ و بشدةٍ في استشعارِ انه لا فارقَ بين هذا الهواء و الهواءِ الذي اعتاد عليه؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
إننا أبناء مرحلةٍ واحدة و ظروفٍ متماثلة غارقين تماماً في...لا ادري حقاً فيما نغرقُ جميعاً و لكنَ الشيء المؤكدَ أننا لا نحتملُ ما نحن عليه..
نحن نشتغلُ بوظائفَ..نعم...نعملُ ...لا
نتقاضى راتباً..نعم...نقوداً..لا
نتنفسُ و نأكلُ و نشربُ ..نعم..نعيشُ..لا
أخيراً توقفَ الميكروباص بإرتجاجةٍ قويةٍ و تعالى صوتُ الفتى ذاته قائلاً : " الآخر يا جماعة..إسعاف ..و الآخر"..
كان صادقاً لدرجةٍ لم يعيها.." إسعاف..و الآخر".

1 comment:

حواء said...
This comment has been removed by the author.