Followers

و انا لوحدي

و انا لوحدي

Saturday, January 19, 2008

ترانيم العمر


الحلقة الثالثة :

لم يكن من السهل عليه ان يمر بذهنه هذا الكم من الذكر القديمة التى تنطبع على روحه انطباعا لا يملك منه هروباً كما انه فى صميم قلبه لا يرغب فى نسيانه او حتى المرور من فوق قنطرة الذكريات تلك و لعل جو الشتاء هو الذى ذكره بكل تلك الاحداث..الشتاء

" انت مش واخد بالك ان بقى لك اكتر من شهر و نص مش رحت الكلية خالص..انت كل يوم معايا هنا و مش بتحضر اى حاجة " كانت تلك كلمات ملك التى نطقتها بجدية تامة و هى تنظر الى عينيه مباشرةً
" ما كنتش فاكر انك هتزهقى مني بسرعة كدا "
" انا مش بهزر..انت ناوي على ايه..انت عمرك ما كنت مستهتر او ممكن تضيع مجهود عملته لمجرد الرغبة فى الاعتراض..انت فى حاجة ف دماغك و مش بتقولها لى "
" و انتى عرفتى منين انى طول عمري كدا " نظر اليها ببريق تفهمه و تحسه..كانت تعلم من تلك النظرة انه يرغب فى الاستماع الى اعتراف جديد بحبها له و كانت تعلم مدى تأثير ذلك عليه..تمالكت اعصابها و امسكت وجهه بكفيها و نظرت في عينيه مباشرة
" انت ليك حد غيري فى الدنيا؟"
كان السؤال قاطعاً و كانت حروفها واثقة تماما ً..لم ترتجف يداها..لم تحرك جفنيها..كانت تغوص داخله الى اعمق اعماق روحه
" لا " كانت لا بهذه البساطة و بذلك الهدوء
" يبقى انا اعرفك طول عمرك ... قلي بقى ناوي علي ايه "
كان ذلك كافيا تماما لانهاء تلك الحالة الباردة التى كان فيها و كان كافياً ليجعله يخبرها عما يدور بداخله
" انتى عارفة انى مش طايق الكلية انا بس بحاول استوعب اللى حصل بس على فكرة انا جبت حاجات التيرم الاول بس لسه مش فتحت منها حاجة "
" خلاص يبقى نبتدي نحضر من بكرة..اتفقنا "
" اتفنقا "
" و حياة ملك؟ "
نظر اليها و عيناه تلمعان بوضوح شديد من غشاء الدموع الرقيق الذى يمر عليهما
" و حياة ملك "
.......
" مش هتنزل " كانت تلك كلمات صديقه الحالس الى جواره
" احنا وصلنا الرست..مش هتنزل تشرب حاجة "
" اهاا..محتاج قهوة جدا "
" ايه حكاية القهوة دي..فى الطريق.. فى الشغل..حتى لما بنخرج فى اى كافيه..كدا كتير "
يهز كتفيه بلامبالاة كانما لا يرغب فى انتزاع نفسه من حالة الدفء التى كان فيها من ذكرياته مع "ملك "
.......

كانت شفتيه فى فصل الشتاء تبدوان اكثر حمرة من اى وقت اخر و كأن دماءه كلها تتجمع فيهما و كانت " ملك " تستمتع بالنظر اليهما و كانت تتحين الفرصة لتلمسهما باصابعها اذا ما علق بهما شيء .. و لكن فى ذلك الصباح لم تكن حمرة شفتيه هى ما شد انتباهها..كانت ملامح " سيف " صارمة جدا حتى انه لم يكن يرتدي نظارته الطبيه و ما ان وقعت عينيها عليه حتى قامت من مكانها و اتجهت اليه بخطوات واسعة و رشيقة
" فيك ايه؟"
نظر اليها و لم يجب..اطال النظر اليها و كانما يرتب الكلمات فى رأسه قبل ان يطلق لها العنان
" أنا مش هدخل امتحان الميد تيرم "
للمرة الاولى تشعر بنبرة جليدية فى حديثه..كانت كلماته قاسية وواضحة و غير قابلة للنقاش..عضت على شفتيها و اغمضت عينيها للحظات لتستجمع قوتها لانها على يقين ان الحولة القادمة لن تكون سهلة ابدا
" انت كدا بتبلغنى بقرارك و لا دا موضوع نتناقش فيه ؟"
" لا دا قرار و مش راجع فيه "
" يعني ايه قرار و مش راجع فيه..انا فين من دا؟ يعنى ايه قرار مصيري زي دا و مش تاخد رأيي فيه؟ لو انت فاكر ان الموضوع دا شيء يخصك انت بس تبقى غلطان..و لو الامور هتمشي بينا كدا أنا مش عارفة احنا هنستمر ازاى؟ "
كانت بارعة فى ايفاقه من حالات الصدمة و القرارات المفاجئة لكنها فى تلك اللحظة كانت تتحدث بلسان الانثى العاشقة..لم تفكر فى شيء الا فى من تحب..لم تكن ترغب فى مجرد التفكير ان شيئأ سيئأ قد يصيبه
" انا ما نمتش من امبارح..و طول الليل بتكلم فى الموضوع دا فى البيت..انتى كمان مش هتسمعيني؟!!!"
كانت قد همت ان تسير بعيد عنه لكن كلماته الاخيرة اوقفتها..لم يكن قرارا انفعاليا او وليد اللحظة..لقد كان " سيف " فى افضل حالاته الذهنية..يفكر بعمق..يتخذ قرارا يراه الاصوب بكل المقاييس..يخبر به كل من يهمهم امره..و على استعدا ان يتحمل نتيجة اختياره كما هو الحال دائمأ
" هتفهمني؟"
" مايهمنيش اى حد فى الدنيا دى يفهم غيرك "
ابتسمت..اخرجت كفيه من جيوبه و احتضنتهما بقوة و سارا جنبأ الى جنب و بدأ يحكي..


4 comments:

حواء said...
This comment has been removed by the author.
ولــــــــــو said...

اولا انا بصراحه مش قريت لسه اي حاجه لكن حبيت قبل ما اقرا اني اقول حمد الله على السلامه وسعيد جدا بحاله النشاط التدويني اللي لقيتك عليها ويارب تفضل بجد كده دايما علشان فعلا كتاباتك تستحق المتابعه
ليا ان شاء الله تعليق تاني بعد ما اتابع الحلقات لتلاته اللي واثق انهم هايعجبوني زي كل كتاباتك السابقه

ولــــــــــو said...

انا بجد مش قادر اعبر اد ايه القصه دي عجباني اسلوبك فوق الرائع ويخلي الواحد يسرح بجد مع الشخصيات ويغوص معاهم
طبعا مستني الحلقات اللي تكمل القصه دي ارجوك تستمر ف نشرها مش ينفع تشوقنا للدرجة دي وبعدين تسيبنا معلقين كده
بس موضوع الفندق والاتوبيس والسفر الطويل واستعادة الذكريات والناس اللي عايزه تنام وسؤالك قبل كده عن شغلي ومعرفتك بيه بيخلوني افكر انها ممكن تكون قصة حياتك
دة مش يهمني على فكرة وسامحني لو كنت استنتجت استنتاجات غلط بس بجد القصة اكتر من روعة
ف انتظار تكملة القصة اللي ف بالي اسمها مش ترانيم العمر لكن
رائعه آدم

شغف said...

حلو جدااااا
أتمنى مشروعك ده يكتمل عى خير ما تحب

فينك صحيح بقالك مدة ؟